﴿ (17) فصل في اداب حفظ وتلاوة القرآن ﴾
۞۞۞۞۞۞۞
وَيُسْتَحَبُّ حِفْظُ الْقُرْآنِ إِجْمَاعًا، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الذِّكْرِ، وَيَجِبُ مِنْهُ مَا يَجِبُ فِي الصَّلاةِ، وَيَبْدَأُ الصَّبِيَّ وَلِيُّهُ بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ، إِلاَّ أَنْ يُعْسِرَ، وَيُسَنُّ خَتْمُهُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، وَفِيمَا دُونَهُ أَحْيَانًا، وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ الْقِرَاءَةِ إِنْ خَافَ نِسْيَانَهُ، وَيَتَعَوَّذُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَيَحْرِصُ عَلَى الإِخْلاصِ وَدَفْعِ مَا يُضَادُّهُ، وَيَخْتِمُ فِي الشِّتَاءِ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَفِي الصَّيْفِ أَوَّلَ النَّهَارِ.
قَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْخَيْرِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ؛ يَقُولُونَ: إِذَا خَتَمَ أَوَّلَ النَّهَارِ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِذَا خَتَمَ أَوَّلَ اللَّيْلِ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى يُصْبِحَ.
رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَيُحَسِّنُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ وَيُرَتِّلُهُ، وَيَقْرَأُ بِحُزْنٍ وَتَدَبُّرٍ.
وَيَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ آيَةِ الرَّحْمَةِ، وَيَتَعَوَّذُ عِنْدَ آيَةِ الْعَذَابِ، وَلا يَجْهَرُ بَيْنَ مُصَلِّينَ أَوْ نِيَامٍ أَوْ تَالِينَ جَهْرًا بِحَيْثُ يُؤْذِيهِمْ، وَلا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا.
وَلا تُكْرَهُ فِي الطَّرِيقِ، وَلا مَعَ حَدَثٍ أَصْغَرَ، وَتُكْرَهُ فِي المَوَاضِعِ الْقَذِرَةِ، وَيُسْتَحَبُّ الاجْتِمَاعُ لَهَا وَالاسْتِمَاعُ لِلْقَارِئِ، وَلا يَتَحَدَّثُ عِنْدَهَا بِمَا لاَ فَائِدَةَ فِيهِ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ السُّرْعَةَ فِي الْقِرَاءَةِ وَكَرِهَ قِرَاءَةَ الأَلْحَانِ؛ وَهُوَ الَّذِي يُشْبِهُ الْغِنَاءَ، وَلاَ يُكْرَهُ التَّرْجِيعُ.
وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ وَبِمَا لاَ يَعْلَمُ فَلْيَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَأَخْطَأَ وَلَوْ أَصَابَ، وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ المُصْحَفِ وَلَهُ حَمْلُهُ بِعِلاقَةٍ، أَوْ فِي خُرْجٍ فِيهِ مَتَاعٌ، وَفِي كُمِّهِ، وَلَهُ تَصَفُّحُهُ بِعُودٍ وَنَحْوِهِ، وَلَهُ مَسُّ تَفْسِيرٍ وَكُتُبٍ فِيهِ قُرْآنٌ وَيَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ كِتَابَتُهُ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ، وَأَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى نَسْخِهِ وَيَجُوزُ كَسْيُهُ الْحَرِيرَ، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِدْبَارُهُ أَوْ مَدُّ الرِّجْلِ إِلَيْهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَرْكُ تَعْظِيمِهِ، وَيُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَكِتَابَةُ الأَعْشَارِ وَأَسْمَاءِ السُّوَرِ وَعَدَدِ الآيَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ.
وَيَحْرُمُ أَنْ يُكْتَبَ الْقُرْآنُ أَوْ شَيْءٌ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ بِغَيْرِ طَاهِرٍ، فَإِنْ كُتِبَ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ غَسْلُهُ، وَإِنْ بَلِيَ المُصْحَفُ أَوِ انْدَرَسَ دُفِنَ؛ لأَنَّ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- دَفَنَ المَصَاحِفَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالمِنْبَرِ.
لا يوجد حالياً أي تعليق