﴿ (7) فصل في صفة الركوع والسجود وما يقال فيهما ﴾
۞۞۞۞۞۞۞
ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ كَرَفْعِهِ الأَوَّلِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَبَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ قَلِيلاً حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ نَفَسُهُ، وَلا يَصِلْ قِرَاءَتَهُ بِتَكْبِيرِ الرُّكُوعِ، وَيُكَبِّرُ فَيَضَعُ يَدَيْهِ مُفَرَّجَتَيِ الأَصَابِعِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُلْقِمًا كُلَّ يَدٍ رُكْبَةً، وَيَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِيًا، وَيَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَهُ لا يَرْفَعْهُ، وَلا يَخْفِضْهُ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، ثم يقول في ركوعه: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلاثٌ، وَأَعْلاهُ فِي حَقِّ الإِمَامِ عَشْرٌ، وَكَذَا حُكْمُ «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» فِي السُّجُودِ؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَرَفْعِهِ الأَوَّلِ قَائِلاً إِمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» وُجُوبًا،وَمَعْنَى «سَمِعَ»: اسْتَجَابَ، فَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا قَالَ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»، وَإِنْ شَاءَ زَادَ: «أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ»، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهُ مِمَّا وَرَدَ.
وَإِنْ شَاءَ قَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ»، بِلاَ وَاوٍ؛ لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الإِمَامَ فِي هَذَا الرُّكُوعِ فَهُوَ مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَخِرُّ سَاجِدًا، وَلا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ وَجْهَهُ، وَيُمَكِّنُ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ وَرَاحَتَيْهِ مِنَ الأَرْضِ، وَيَكُونُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ مُوَجِّهًا أَطْرَافَهَا إِلَى الْقِبْلَةِ، وَالسُّجُودُ عَلَى هَذِهِ الأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ رُكْنٌ.
وَيُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلَّى بِبُطُونِ كَفَّيْهِ، وَضَمُّ أَصَابِعِهِمَا مُوَجَّهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ، رَافِعًا مِرْفَقَيْهِ، وَتُكْرَهُ الصَّلاةُ فِي مَكَانٍ شَدِيدِ الْحَرِّ أَوْ شَدِيدِ الْبَرْدِ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ.
وَيُسَنُّ لِلسَّاجِدِ أَنْ يُجَافِيَ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَفَخِذَيْهِ عَنْ سَاقَيْهِ، وَيَضَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَيُفَرِّقَ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا؛ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى وَيُخْرِجُهَا مِنْ تَحْتِهِ، وَيَجْعَلُ بُطُونَ أَصَابِعِهَا عَلَى الأَرْضِ؛ لِتَكُونَ أَطْرَافُ أَصَابِعِهَا إِلَى الْقِبْلَةِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلاَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَاسِطًا يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ مَضْمُومَةَ الأَصَابِعِ، وَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَلاَ بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي».
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالأُولَى، وَإِنْ شَاءَ دَعَا فِيهِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ الدُّعَاءِ؛ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ: دِقَّهُ وَجِلَّهُ، أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، سِرَّهُ وَعَلانِيَتَهُ»، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا، قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ؛ لِحَدِيثِ وَائِلٍ، إِلاَّ أَنْ يَشُقَّ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ، ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَالأُولَى، إِلاَّ فِي تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ وَالاسْتِفْتَاحِ.